sidielmokhtar ,chichaoua, imintanout         
الرئيسية

 

 

                                           تقرير أدبي

 

أيها الرفاق                                   

   شكل الإعلان عن تأسيس اليسار الإشتراكي الموحد في شهر يوليوز2002 جوابا متقدما عن الواقع السياسي المتسم بالتناسل الذاتي للأحزاب و التشرذم الذي تعرفه القوى التقدمية ، حيت انتقلنا من واقع التشتت الى واقع الوحدة و التوحيد، وهكذا  إلتزمت أربعة مكونات هي منظمة العمل الديمقراطي الشعبي ، حركة الديمقراطيين المستقلين ، الحركة من أجل الديمقراطية ، الفعاليات اليسارية المستقلة بناء حزب سياسي يجمع كل فصائل ما يعرف باليسار الجديد، و قد أحدث هذا الفعل نقلة نوعية في المشهد السياسي بالمغرب و اليساري على وجه التحديد ، كان التأسيس انطلاقة لمرحلة الوحدة والاندماج هذه الوحدة التي تعززت بقيمة مضافة وهي إنضمام جمعية الوفاء للديمقراطية في المؤتمر الاندماجي 2005 .

 وضمن هذا السياق إلتقت إرادة مجموعة من المناضلين اليساريين الديمقراطيين التقدميين ورفاق من منظمة العمل الديمقراطي الشعبي و رفاق من الديموقراطين المستقلين على الصعيد المحلي بإقليم شيشاوة. فتم تشكيل لجنة تحضيرية لتأسيس فرع حزب اليسار الإشتراكي الموحد، هذه اللجنة التي لم توفق في ذلك نظرا لظروف سنأتي على ذكرها لاحقا، فتحولت مباشرة الى لجنة تحضيرية للتأسيس فرع الحزب الإشتراكي الموحد بعد المؤتمر الاندماجي مع جمعية الوفاء للديمقراطية.

         1 ـ وقفة تشخيصية للواقع العام دوليا وطنيا ومحليا:

 لا يخفى على أحد الواقع الدولي العام الذي أصبحت تعيشه الشعوب اليوم ، حيث سيادة نمط الإنتاج الرأسمالي ذو التوجهات الإمبريالية عبر شركات متعددة الجنسيات و استفراد الإمبريالية الأمريكية بقيادة العالم وما تبع ذلك ومن ويلات اللإستقرار و الأزمات السياسية و الإقتصادية و الهيكلية و الصراعات العسكرية، مما اتضح معه أن مزاعم الإيديولوجية الرأسمالية بتحقيق دولة الرفاه فاقدة للكل معنى و بالمقابل تكرس منطق إغناء الغني و تفقير الفقير وتعميم قانون السوق بدون منازع، وقد أدت هذه السيطرة الى بروز مظاهر اللامساواة والفقر والتهميش والإقصاء والتطور اللامتكافئ و تكتيف عوامل الإستغلال الطبقي.

أما على الصعيد الوطني لم يكن بلدنا في منأى عن مايروج من حوله حيث ظل خاضعا للإملاءات الإمبريالية العالمية مرهونا بتقارير صندوق النقد الدولي و البنك العالمي، متبعا نظاما رأسماليا تبعيا هجينا تحتل فيه الفئات  التي تلعب دور الوسيط والفئات التي لها صلة وثيقة بالرأسمال الغربي مواقع أساسية ومؤثرة. هذا الوضع أنتج نظاما مخزنيا يغلب عليه إقتصاد الريع و المضاربات العقارية و الشبكات المصلحية المرتبطة بالرشوة و الزبونية و اختلاس الأموال العامة و الاستحواذ على صناديق المؤسسات. وعلى إثر هذا عرف المغرب عدة محطات نضالية خاضتها الجماهير الشعبية بقيادة القوى الديمقراطية التقدمية مؤكدة على الأزمة التي تعيشها البلاد، وهو ما تم وصفه بخطر السكتة القلبية، لكن ظهور حكومة التناوب التوافقي التى أحيت خطاب التفاؤل وإعلان نوايا التغير والإصلاح، ظلت غير مستجيبة لمتطلبات التحول في إتجاه المجتمع الديمقراطي الحداثي اللهم بعض الومضات الغير منكورة في مجال حقوق الإنسان، التي تعرف بعض الردات من حين لأخر. في حين بقيت أساليب الإشتغال المخزني حاضرة ومؤثرة، و لا زالت لوبيات الفساد المالي و الإداري و الإنتخابي محتفظة بمواقعها الأساسية في السلطة و الإدارة والمجتمع. مما يبين التناقض الوجداني  في الخطاب الرسمي الذي يؤكد على الحداثة و الديمقراطية و استمرار تحكم البنيات التقليدية و العلاقات المخزنية في دواليب الدولة ومراكز القرار.

و إذا كان المحلي جزء مما هو وطني فإنه لم يخرج عن السياق المذكور أعلاه إلا بمفارقات تغديها بعض الخصوصيات المحلية، التي لازالت تنهل من مغرب ماقبل الاستعمار حيث سيادة الإ تجاه الرجعي القبلي العشائري و سيطرة الملاكين  الكبار و المضاربين العقارين مستغلين سياسة التهميش التي نهجتها الدولة منذ الإستقلال مع هذا الإقليم الذي كان قلعة نضالية للحركة الوطنية، و معاقبته على اصطفافه الى جانبها. مما جعل الإ تجاه السالف الذكر يستفرد به بممارسته المخزنية الإنتهازية الإتخابوية و الذي يلعب على أوثار القبيلة بتبديل جلده  الحزبي كلما استشعر خطر إفلاس مقولاته، معتمدا على فئة من الأعيان والمنتخبين الأميين و بعض فقهاء الزوايا وبعض رجال السلطة ونخبة من المتمخزنين، كل هذه الفئة  تقوم بحراسة منظومة قيمه السياسية الضاربة في القدم عبر مجموعة من المقولات النمطية التي تسيد عادات ومعتقدات و سلوكات ظاهرة تعمل في اللاشعور الجمعي المحلي فعل الكوابح، وتشكك في كل فعل سياسي رصين ينشد الإنعتاق و التحرر، قد يعصف بهيمنتها على عقول المهمشين  الكادحين و المعزولين. فهذا الإتجاه لا يتوانى في إستعمال جمعيات شكلية  مخزنية تعتمد أسلوب الصدقة والعطايا بعيدة عن أي حس تنموي فاعل يدمج الساكنة في صلب مشاكلها اليومية.

  إن الوضع الإقتصادي بالإقليم يطبعه:  

 ـ الركود و الضعف البنيوي وخضوعه لسيادة الريع والامتيازات والفساد الإداري حيث نسجل هيمنة العناصر المقربة من السلطة و فئة المضاربين العقارين والملاك الكبار على الإقتصاد المحلي.

ـ ضعف نسب النمو المحلي  وارتباطها بعوامل مناخية .

ـ سيادة الأنشطة الطفيلية المرتبطة بالخدمات.

ـ ضعف الإستثمارات الإنتاجية الحقيقية مما يعدم فرص الشغل بالإقليم رغم موارده المشجعة.

 

 

أما الأوضاع الإجتماعية فتتميز بتفاقمها في أوساط الأغلبية الفقيرة.  ويزيد من حدة المعاناة التوزيع اللامتوازن بين الأطراف القروية  و المراكز الحضرية  على مستوى البنيات التحتية والولوج الى الخدمات الأساسية. إضافة الى إرتفاع نسب عطالة

حاملي الشهادات الجامعية. وسيادة العلاقات الشعلية الإستغلالية دون احترام لأبسط الحقوق التي تقرها القوانين الوطنية والدولية. كما نسجل تفاقم ظاهرة الهجرة القروية وما تشكله من اختلالات سكانية على المجالين الحضري و القروي.   

  أيها الرفاق

 إن حضورنا على الساحة المحلية في إقليم شيشاوة كان متميزا، و كانت أول محطة إختبرنا فيها قدرتنا النضالية هي محطة الإنتخابات الجماعية لسنة 2003 التي جرت في ظل عدة إختلالات و خروقات أثرت سلبا على نزاهتها و مصداقيتها سواء من حيث العمل بلوائح إنتخابية فاسدة و غياب لجنة محلية مستقلة مشرفة عليها، أو من حيث الإستعمال الواسع للمال و عدم تحمل الدولة مسؤوليتها في إعمال القانون و متابعة ومحاسبة المفسدين، وكانت هذه الإنتخابات فرصتنا رغم علاتها فشارك حزبنا بثلاثة أعضاء مشاركة نضالية فقط على مستوى بلدية شيشاوة وسيدي المختار وإشمرارن، بإمكانيات ذاتية هزيلة و استطاع أن يحصل على نتائج معنوية مشجعة، إذ قام مناضلونا بحملة نظيفة و لم يتورطوا في أية ممارسة مشبوهة و لم يسجل ضد حزبنا أية مخالفة، فقدمنا نموذجا للمرشح المناضل غير الصورة التي سوقت من طرف لوبيات الفساد وأباطرة المال وتجار الإنتخابات الذين يتصارعون من أجل ربح الكراسي لنهب المال العام وخدمة مصالحهم الشخصية على حساب الجماهير الكادحة. 

 كما تواجد الرفاق في اللجنة الوطنية للمعلمين العرضين بفعالية نضالية أبانوا من خلالها على قدرات قيادية متميزة، وكذلك من خلال تواجدهم في بعض النقابات و في الجمعية المغربية للحقوق الإنسان كأعضاء أو في مراكز المسؤولية والتي تبنوا من داخلها هموم الجماهير الكادحة بمساهمات فاعلة وتعاطي إيجابي مع كل المحطات النضالية.

وعل المستوى التنظيمي شاركنا في المؤتمر الوطني الأول للحزب بعضوين( عبد الحكيم الرزيكي و عبد الكبير الجراري ) كفرع كامل العضوية مناقشة وتصويتا، وكنا دائما في صلب كل الإجتماعات الجهوية التنظيمية التي يعقدها الحزب، لكن ما نسجله على الصعيد المحلي هو ضعف اللقاءات التواصلية المحلية، وذلك لتشتت الرفاق على مناطق بعيد من الإقليم وما يطرحه ذلك من صعوبات التنقل والظروف التي يشتغلون فيها. إضافة الى ضعف الإستقطابات نظرا للحذر الذي يبديه بعض الرفاق والذي يبقى مرتبطا بخصوصية المنطقة سياسيا و ثقافيا، فبقي تركيزنا على العناصر النوعية الفاعلة في مجال إشتغالها.    

  أما على مستوى الإشعاع فكانت مساهمة الرفاق معبرة عن مدى وضوح الرؤية وتبنيهم لمواقف الحزب والتي ما فتؤو يعبرون عنها، حيث شاركنا في الندوة التي نظمتها النقابة الوطنية للتعليم فرع إيمينتانوت تحت شعار" دفاعا عن المدرسة العمومية"، أو من خلال الندوات التي نظمها الرفاق مع جمعية المعطلين والمؤتمر الإتحادي بسيدي المختار و التي جاءت على التوالي "النضال الإجتماعي بالمغرب في مواجهة العطالة " التي أطرها الرفيق رضوان أنزيم بمشاركة الرفيقين محمد بوعلي و عبد الكبير الجراري، ندوة "العمل النقابي بالمغرب" التي ألقاها الرفيق عبد الحكيم الرزيكي، ندوة حول "قراءة في الميثاق الجماعي " التي قدمها الرفيق حميد الخبير، ندوة بإعدادية  سيدي المختار حول "الحرية مكتسب تاريخي وقيمة حداثية " أطرها الرفيقين رشيد بوغوليد وعبد الكبير الجراري،و ندوة"الراهن السياسي بالمغرب و الإصلاحات الدستورية" التي أطرها الرفيق عبد الغني القباج ، يوم 17 /09/2006 ، وقد عرفت هذه الندوات حضورا وازنا خلفت صدى جماهيريا مشجعا في المنطقة.

 على المستوى الإعلامي كان الرفاق مواكبين كل ما يقع في الإقليم عبر نشر لعدة مقالات في جريدة الحزب"اليسار الموحد" و التعريف بكل القضايا التي تهم الجماهير الشعبية اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا من خلال مساهمات الرفيقين عبد المجيد أيت الحاج و عبد الحكيم الرزيكي .

 على مستوى العمل الجماهيري و المجتمع المدني نسجل تواجد الرفاق في كل المحطات الى جانب المواطنين ملتحمين بهمومهم و قضاياهم حيث كان حضورنا الى جانب الهيئات الديمقراطية والفاعلة بإمينتانوت في مسيرة التضامن مع الشعب العراقي 2003 وكذلك في الإحتجاجات عن المشاكل انقطاع الماء  ومشكل النقل، وكذلك التأطير النضالي و الإعلامي لمسيرة الإحتجاجية التي عرفها سيدي المختار 2005 على هامش الفيضانات التي عرفتها المنطقة والتي خلفت عدة منكوبين ومشردين. وكذلك التضامن الميداني و النضالي مع جمعية المعطلين في جميع محطاتهم النضالية من أجل إنتزاع حقهم في الشغل و الكرامة الإنسانية. والوقوف مع موظفي الجماعات المحلية في أشكالهم النضالية أمام مقر العمالة. و المشاركة النضالية الى جانب الهيئات الديموقراطية والنقابية و الحقوقية في التنسيقية المحلية للاحتجاج ضد الغلاء و الزيادات اللاشعبية التي تنهجها الحكومة ضاربة بذلك القدرة الشرائية للجماهير الشعبية الكادحة. ونسجل تواجد رفاقنا في عدة جمعيات تنموية كقوة إقتراحية تدبيرية متميزة.       

 إن حرص رفاقنا على تواجدهم الفاعل داخل الإطارات النقابية و الحقوقية والجماهيرية و المدنية هو نابع من قناعتهم النضالية وهويتهم اليسارية الديمقراطية التقدمية والتحامهم بقضايا جماهيرنا الشعبية دون تضخيم للانا أو الرياء.  

 إن مبادرة الرفاق في تأسيس فعل سياسي متجدر داخل الجماهير الشعبية تعبر من خلاله عن رهاناتها دون وساطة أو نيابة عنها اللهم ما يقتضيه العمل التنظيمي و التأطيري، هذا العمل الذي  لن يخلو من العوائق الموضوعية أو ذاتية ، و التي

 

تقتضي من كل مناضل يساري  تقدمي التحليل الملموس للواقع الملموس، و القدرة على النقد الذاتي على أساس المسؤولية الجماعية والمحاسبة الفردية.

 أيها الرفاق:

   إن برنامجنا لماهو محلي، تلزمه رؤية واقعية للسيرورة العمل السياسي بالمنطقة والتي تقتضي جهدا مضاعفا بالخروج من واقع الإنتظارية والتقوقع وعلاقات المجاملة الشخصية، إلى التحلي بروح المبادرة و المنافسة الرفاقية المنتجة للأفكار من أجل حسم صراعنا السياسي المحلي مع الإتجاه الرجعي القبلي العشائري بإستحضار مواقف حزبنا كجزء لا يتجزأ من إهتماماتنا الشخصية و تحويلها إلى معيش يومي قد نربح رهانه إذا توفر لنا قدر من الإلتزام النضالي الحزبي و نهج سلوك جماهيري منفتح متميز في أساليبه وممارساته.

 إننا لا نحاول أن نرسم عوائقنا كقدر لا فكاك منها وجعلها محبطات لعمل رفاقنا، بل يجب أن نجعلها تحديات تؤجج نضالنا عبر تأسيس فرع لحزبنا يكون قاطرة قوية لتغير واقع جماهيرنا الكادحة نحو الأحسن، و يساهم في تدبير الشأن العام المحلي ولو من موقع حد أدنى حسب قدرتنا الذاتية  و الموضوعية وعبر منهجيتنا الواقعية النقدية  المنفتحة على كل القوى الديموقراطية المحلية، دونما تضخيم للذات أو للمعوقات،.إننا قادرون على إنتزاع مكاسب فعلية للنهوض بواقعنا الإقتصادي و الإجتماعي و فتح سيرورة الإنتقال الديمقراطي محليا ومن تم وطنيا نحو المجتمع الديمقراطي الحداثي. و أختم بقولة للنين "يمكننا أن نحلم لكن يجب أن نأخذ أحلامنا على محمل الجد"